بقلم/ الدكتورة فاكية عزاق ـــــــ الجزائر ـ تشهد المجتمعات العربية تحولات اجتماعية واقتصادية تتطلب تضافر الجهود من مختلف الفئات في المجتمع لتحقيق التنمية المستدامة. ومن بين هذه الفئات، تبرز المرأة كعنصر حيوي وأساسي في تحقيق الأهداف التنموية، خاصة على مستوى المجتمعات المحلية. تاريخيًا، كانت المرأة في العديد من المجتمعات العربية تقتصر مشاركتها على الأدوار التقليدية في الأسرة، ولكن مع مرور الوقت، بدأت تتزايد مشاركة المرأة في الحياة العامة والمشاريع التنموية. ورغم التحديات التي تواجهها، أثبتت المرأة قدرتها على التأثير في مسار التنمية في بلدانها. في هذا السياق، يعنى هذا المقال بتحليل تأثير المشاركة النسائية في المشاريع التنموية المحلية في العالم العربي، وما هي الأبعاد السوسيولوجية التي تتحقق من خلال هذه المشاركة. كما يتناول المقال التحديات التي قد تواجه النساء في سياقات مجتمعية مختلفة، وكيف يمكن تجاوز هذه العقبات لتعزيز مشاركة المرأة في العمل المجتمعي التنموي. المرأة والتنمية المجتمعية: سياق اجتماعي وثقافي تعد التنمية المجتمعية عملية معقدة تتطلب إدماج جميع فئات المجتمع في عملية اتخاذ القرار وتوزيع الموارد. ورغم أن المرأة تشكل نصف المجتمع تقريبًا في العالم العربي، إلا أن مشاركتها الفعالة في المشاريع التنموية كانت محدودة في الماضي بسبب مجموعة من العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية. في المجتمعات العربية، تميل العديد من الثقافات إلى تقليص دور المرأة في الأنشطة العامة، بل وتحصر دورها في المنزل أو في الأعمال التي لا تتطلب التأثير المباشر على السياسة العامة أو الاقتصاد. من منظور سوسيولوجي، يمكن اعتبار التنمية المجتمعية أداة لتغيير البنى الاجتماعية والسياسية، وتعزيز العدالة والمساواة في المجتمع. وتعد مشاركة المرأة في هذا السياق أمرًا بالغ الأهمية؛ لأن تعزيز حضورها في مجالات التنسيق، والتنظيم، واتخاذ القرارات يمكن أن يؤدي إلى بناء مجتمعات أكثر استدامة، وأكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات المحلية والعالمية. من خلال المشاركة في المشاريع التنموية، تصبح المرأة طرفًا فاعلًا في عملية التغيير المجتمعي، وتساعد في إعادة صياغة الأدوار الاجتماعية التي تقليديًا كانت مقيدة بالتحفظات الثقافية. التحديات التي تواجه المرأة في العمل المجتمعي والتنمية المحلية على الرغم من التأثير الإيجابي الذي يمكن أن تحققه مشاركة المرأة في المشاريع التنموية، فإن هناك العديد من التحديات التي تحد من قدرة المرأة على الانخراط الفعلي في هذه الأنشطة المجتمعية في البلدان العربية. من أبرز هذه التحديات: 1. القيود الثقافية والاجتماعية في العديد من المجتمعات العربية، لا تزال المرأة تواجه العديد من القيود الثقافية التي تحد من قدرتها على المشاركة الفاعلة في العمل المجتمعي. إذ تسود بعض المعتقدات التقليدية التي تحدد مكانة المرأة في البيت فقط، وتمنعها من الانخراط في الأنشطة الاجتماعية العامة. في هذا السياق، يُنظر إلى المرأة في بعض المناطق كـ”مربية” أو “حامية للأسرة”، مما يحد من قدرتها على التأثير في الحياة العامة والمشاركة في المشاريع التنموية. العمل المجتمعي غالبًا ما يتطلب من الأفراد التفاعل المباشر مع المجتمع، مما يفتح المجال للتعاون مع مختلف الأطراف. …
قراءة المزيد