المرافقة النفسية البيداغوجية لذوي الاحتياجات الخاصة المتمدرسين استراتيجية فعالة في المدرسة الحديثة
بقلم/ الدكتورة شعيب فتيحة_ جامعة ابن حلدون تيارت_ الجزائر
تتطلب المحافظة على المجتمع وجعله سليما متماسكا، توفير بيئة مدرسية تساعد المتمدرس على حل مشكلاته التربوية والنفسية والسلوكية التي تواجهه، ضمانا لصحته النفسية التي تهدف إليها التربية الحديثة والتي تعتمد على آلية المرافقة النفسية البيداغوجية كمفهوم قاعدي يهدف إلى تقديم الدعم للمتعلم ومعرفة ما يعانيه من مشكلات وفق أسلوب ممنهج يمكنه من الخروج إلى الحالة الطبيعية. وتكتسي المرافقة النفسية البيداغوجية أهمية بالغة على مستوى المتمدرس العادي أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، هذا الأخير الذي يعاني من مشكلات نفسية، ويحتاج إلى مساعدة وإرشاد تربوي دعما لتكيفه المدرسي.
ويؤكد الواقع التربوي على هذه الأهمية التي تؤدي إلى جودة حياة المتمدرس من ذوي الاحتياجات الخاصة وإقباله على التعلم والوصول إلى النجاح بصحة نفسية آمنة. وكل محيط تربوي حديث يخلو من هذا الأسلوب التربوي تكون نتائجه سلبية عليه، فتزداد معاناته وانحصاراته، ويثبط جهازه المعرفي المسؤول على تحصيله المعرفي والدراسي. لأننا بتوفير المرافقة النفسية البيداغوجية داخل المحيط المدرسي الذي يتواجد به متعلم من ذوي الاحتياجات الخاصة نضمن عملية بناء بهدف مساعدته في أن يفهم ذاته وينمي إمكانياته لحل مشكلاته في ضوء معرفته وتدريبه كي يصل إلى تحقيق أهدافه المأمولة، باستخدام مجموعة من الخدمات التربوية المتمثلة في المساعدة، الدعم، المساندة النفسية، الإشراف الأكاديمي، التوجيه… والتي تعمل على مساعدته كمتعلم على فهم نفسيته، قدراته، إمكاناته، واستغلالها لتحقيق أهدافه، وذلك باستخدام استراتيجية تبديد المخاوف الوهمية التي تشغل المتمدرس من ذوي الاحتياجات الخاصة وتجعله لا يفكر في كيفية مواجهة الامتحان نظرا للقلق الذي ينتابه بواسطة تصحيح مفهوم القلق الذي يكون محفزا له على النجاح، إذا كان عاديا ومتمركزا حول النجاح. إذ يجعله مستعدا للامتحان، وساعيا لإيجاد حل مناسب للصعوبات التي تواجهه، والمرتبطة أساسا بالمحيط الأسري والمدرسي. وهكذا يتسنى لنا بناء شخصية المتمدرس من ذوي الاحتياجات الخاصة وإعداده ليكون فردا صالحا في مجتمعه، وتعزيز ثقته بنفسه وأن باستطاعته الوصول إلى النجاح بإرادته وإقناعه أن تحقيق نجاحه يكون بعزيمته واعتماده على نفسه، ليزداد شعوره بقدراته وإمكاناته وتزداد دافعيته للتعلم. لأن مستقبله كمتعلم دون النظر إلى احتياجاته الخاصة من صنع يديه، والنجاح استحقاق يثبته جهده واجتهاده وعمله المتواصل طيلة الموسم الدراسي. وقد تؤكد عملية إبراز النماذج المتعلمين من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين حققوا النجاحات وتفوقوا في دراستهم أنه لا توجد صعوبة في الحياة، والأمل يتحقق بالعمل والاجتهاد في بيئة مدرسية داعمة تحافظ على الصحة النفسية والاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة المتمدرسين، مما توفره لهم من خدمات تربوية ذات نوعية تؤثر في نموهم الاجتماعي والعاطفي والأخلاقي خاصة بتصحيح نظرتهم لذاتهم، وتنمية كفاءاتهم النفسية والاجتماعية لتمكينهم من القدرة على اتخاذ القرارات، مواجهة الصعوبات والانفعالات، ومهارات التواصل وإنشاء العلاقات مع الآخرين.
لا شك أن هذه الرؤية حول المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة المتمدرسين ليست بالأمر اليسير إذا لم تعطى لها قدرا من الاهتمام لا لشيء إلا لأنها تهدف إلى إدماج المتمدرس من ذوي الاحتياجات الخاصة في محيط مدرسي آمن وصحي ومحفز للنمو والتعلم والنجاح في مساره الدراسي.
