التعليم عن بعد مدخل مفاهيمي نشأة ومبررات Conceptual Introduction of Distance Learning’s Origins and Justifications

بقلم الدكتورة/ شعيب فتيحة

/ الجزائر _ مخبر الدراسات الفلسفية وقضايا الإنسان والمجتمع في الجزائر _ جامعة ابن خلدون تيارت

مقدمة:

لقد ألغى الإنسان بإنجازه التكنولوجي مسافات طويلة من الزمن وأصبح الاتصال الكترونيا باستخدام شبكات الحواسب أو ما يسمى بالشبكة العنكبوتية في مجالات عديدة حيث يأتي مجا ل التعليم على رأس المجالات ويعنى باهتمام كبير في عصرنا الحالي وذلك راجع لثورة المعلومات وما أنتجه الانترنت من تلك السرعة في مراكز العلم والمعرفة.                                       

ويعرف التعليم (Teaching) على انه مجموعة الأفعال التواصلية التي نلجأ إليها عن قصد وبطريقة منظمة حيث يتمتوظيفها بشكل واضح ومقصود من طرف شخص ما او مؤسسة أو مركز أو ملحقة فكل هذه الوسائل هي امتداد للموقف التربوي التعليمي المنظم. كما يرى بعض الباحثين أن التعليم هو مجرد نشاط يهدف إلى تحقيق التعلم ويمارس بالطريقة التي يتم فيها احترام النموالعقلي للطالب وقدرته على الحكم المستقل وهو يهدف إلى المعرفة والفهم. (محمود، 1995: 135 (والتعلم ((Learning هوتغيير أو تعديل في سلوك المتعلم نتيجة لنشاطأو تكرار أو تدريب. ولما كان المتعلم يستفيد من العملية التعليمية فانه يستعمل مصطلح Learning)) عالميا.

وعملية التعليم لا تقتصر على حد معين بل هي عملية نمائيةمستمرة ومتطورة غير منتهية وقد قال الله تعالى: ” وقل ربي زدني علما.”  [طه114[وجاءعلى لسان نبيه (ص): “اطلبوا العلم من المهدإلى اللحد”.        

 وأصبح التعليم عن بعد ضروريا نظرا للدور الذي يلعبه في التنمية الثقافية، وتوفيره لفرص التعليم للجميع.وفيهذه المداخلة سنتطرق لمدخل نظريحول مفاهيم مختلفة لنظام التعليم عن بعد، نشأته، مبادئه خصائصه، أهميته وأهدافه.

1 –مفهوم التعليم عن بعد:

أدت الثورة التكنولوجية التي عرفها العالم المعاصر إلى ظهور أدوات ووسائل تكنولوجية أثرت ميدانالتعليم وطورت فيه الكثير مما أدى إلى ظهور التعليم عن بعد واستخدم كنظام تعليمي في المعاهد ومراكز التكوين والجامعات وكان له الدور الكبير في حل العديد من المشاكل التربوية المعاصرة.

ولقد تعددت تسميات مصطلح التعليم عن بعد من التعليم بالمراسلة، التعليم المفتوح، التعليم الموزع، الدراسة المنزلية، الدراسة المستقلة، الدراسةمن الخارج وغيرها من التسميات ومع ظهور التوسع في العملية التعليمية وظهور الأقراص الممغنطة، عرفت العملية التعليمية ظهورا للثورة التقنية التي أدت إلى ميلاد نظام التعليم الإلكتروني.

ويعد مفهوم التعليم عن بعد مفهوما جديدا، ولا يوجد لحد الآن تعريف ثابت ومحدد له، وبالتالي تداخلت مفاهيمه وتعددت ويمكننا تقديم تعاريف عديدة للتعليم عن بعد ومنها:

– ما توصلت إليه لجنة التعليم العالي بالولايات المتحدة الأمريكية CIHE بأن التعليم عن بعد هو عملية تعليمية رسمية تجرى فيها معظم الدروس عندما لا يتواجد الطالب و المدرس في المكان نفسه و التعليم قد يكون متزامنا أو غير متزامن. (رحاب، 2015: 01.(

وعرفه (لي أبرزومايكل، 2015: 01(علىأنه تعليم نظامي منظم تتباعد فيه مجموعات التعلم، وتستخدم فيه نظم الاتصالات التفاعلية لربط المتعلمين والمصادر التعليمية والمعلمين سويا.

ومن خلال التعريفين السابقين يتضح لنا أن التعليم عن بعد معتمد من هيئات رسمية في الدولة ولا يستوجب وجود الأستاذ مع المتعلم في المكان نفسه، وهو إلى حد ما تعليم انفرادي.

ويعتبر التعليم عن بعد من أكثر المستحدثات التي أفرزتها تكنولوجيا التعليم التعليمي في الممارسة التربوية في العقود الأخيرة كونه خرج عن السياق التقليدي للتربية وأنظمتهاوهو ينفصل فيه المتعلم فيزيقيا وجغرافياعن المصدرعلى أن يتم التعلم بطريقة تفاعلية من خلال نقل المعلومات من مصدرها إلى المتعلم. (عصام إدريس، 2014: 120.(

ويتبين من هذا التعريف المكون الثالث للتعليم عن بعد ألا وهو الاتصال التفاعلي المتزامن أو الغير متزامن في نفس الوقت أو في أوقات مختلفة ويكون مناسبا للاستعمال بين المتعلمين.

وقد أصبح مفهوم التعليم عن بعد من أهم المكونات للحصول على المؤهلات الجامعية أو التدريب المهني ويغطي هذا النظام مختلف صورالدراسة لكافة المستويات التعليمية التي لا تخضع فيها العملية لإشراف مستمر ومباشر من المتعلمين أو من الموجهين في قاعات الدراسة المختلفة ولكنها تخضع لتنظيم معهدي يحدد مكانة الوسائل التقنية في العملية التعليمية من مادة مطبوعة ووسائلميكانيكية والكترونية تحقق الاتصال بين المعلم والمتعلم دون الالتقاء وجها لوجه.(عبد الجواد، 2001: 9(.

وهذا التعريف يؤكد أن التعليم عن بعد يقتضي انفصال المعلم عن المتعلم ويوفر التنظيم الإداري الذي يدير هذه العملية التعليمية ويوفر الوسائط التقنية. 

 كما يعرف بورج هولمبرج (Borje Holomberg) التعليم عن بعد على انه مصطلح يشمل كافة أساليب الدراسة وكل المراحل التعليمية التي لا تتمتع بالإشراف المباشر والمستمر من قبل معلمين يحضرون مع طلابهم داخل القاعات الدراسية التقليدية ولكن تخضع عملية التعليم لتخطيط وتنظيم وتوجيه من قبل مؤسسة تعليمية وأعضاء هيئة التدريس أو المعلمين.(هولمبرج،1995: 44-.(47

ويتبين لنامن هذا التعريف التأكيد على توفرعنصرين أساسيين في عملية التعليم عن بعد:

  • انفصال المعلم عن المتعلم.
  •  التنظيم الإداري للتعلم عن بعد بإشرافه على إنتاج المواد التعليمية والوسائطالتقنية ويدير العملية التعلمية بأكملها.

أما مور(Moor) فقد عرف التعليم عن بعد على أنه طريقة من طرق التدريس يتم فيها فصل سلوكيات التدريس جزئيا عن سلوكيات التعلم من خلال تجسيد الاتصال بين المتعلم والمعلم بواسطة توفير المواد التعليمية المطبوعة والالكترونيةوالمسموعة والمرئية لأجل نقل العلم بين الطرفين والمؤسسة من جهة أخرى إلى جانب توفير المناخ الملائم لحدوث عملية الاتصال.  (مدني، 2007: 13(.

هذا التعريف يعتبر تركيز على توفير البيئة الملائمة للتعلم عن بعد والتي تحقق عملية الاتصال بينالمعلم والمتعلم من خلال توفير الفصل المكاني بين المعلم والمتعلم في عملية الأداء وتوفير المواد التعليمية المطبوعة والالكترونية والمسموعة والمرئية ووسائل الاتصال التقنية.

وعرف بيترز (Peters)التعليم عن بعد على انه طريقة لنشر المعرفة واكتساب المهارات والاتجاهات ذات المغزى وذلك بتكيف العمل في تنظيم مكونات التعليم عن بعد إداريا وفنيا بواسطة الوسائل التقنية المتعددة من اجل إنتاج مادة تعليمية ذات جودة عالية يمكن الاستفادة منها في عملية التعليم لكي يستطيع الدارس والمهتم من تلقي المعرفة في أماكن تواجدهم.) نشوان، 2004: 16(

ونجد في هذا التعريف أن بيترز حاول إبراز الصورة التقنية للتعليم عن بعد وبين قيمة هذا النوع من التعليم في تعليمه للأغلبية من الناس وتوفيره للوسائل التكنولوجية الحديثة بما بلائم مستويات الأفراد واستخدام التنظيمات الإدارية وتوظيفها في إنتاج وتسويق المواد التعليمية.

وتعرف اليونسكو (1987) التعلم عن بعد بأنه: “الاستخدام المنظم للوسائط المطبوعة وغيرها وهذه الوسائط يجب أن تكون معدة إعدادا جيدا من اجل جسر الانفصال بين المتعلمين وتوفير الدعم للمتعلمين في دراستهم“. (الخطيب، 1987: 114).    

وعرفه مازن وأدريك: ” بأنه مصطلح يطلق على نوع من التعلم يقوم على أساس توصيل الخدمة التعليمية عن بعد وذلك لمن يقطعون مناطق نائية أو معزولة جغرافيا والتي لا تتيح ظروفهم للانتقال إلى الصفوف الدراسية النظامية (مازن وآخرون، 2008).

ويؤكد الدكتور علاء صادق أن نظم التعليم عن بعد تعتمد بشكل كبير على استخدام وسائط نقل المعلومات وتكنولوجيا الاتصال لنقل المحتوى التعليمي للطلاب عن بعد. وفي المجال يؤكد العديد من علماء التعليم عن بعد على أهمية التمييز بين مصطلحي وسيط (Medium) وتكنولوجيا (Technology)حيث يعرف الوسيط على أنه طريقة أو أكثر لتقديم المعرفة بالاستعانةبأسلوب أو أكثر من أساليب الاتصال. هذا الوسيط يمكن أن يتم حمله وتوزيعه بأشكال مختلفة فعلى سبيل المثال يعتبر النص المكتوب أحد الوسائط المستخدمة لتقديم اللغة والاتصال مع الآخرين هذا النص المكتوب يمكن نقله باستخدام أشكال مختلفة كالكتاب المطبوع والأقراص المدمجة(تكنولوجيا).(سوهام ،2005 :33).

كما قامت شيري (Sherry) بدراسة تحليلية لتعاريف التعلم عن بعد وتوصلت إلى أن جميعها تشترك فيما يلي:

‑الانفصال بين المتعلمين والمعلم سواء مكانيا أو زمنيا أو كليهما معا.

‑ضبط والتحكم في التعليم عن بعد يكون بواسطة المواد المطبوعة أو غيرها من أشكال التكنولوجيا.

‑الاتصال بين الطالب والمعلم بواسطة المواد المطبوعة أو غيرها من أشكال التكنولوجيا. (سوهام، 2005 :56)

وفي تعريفه للتعليم عن بعد يرى الحنطي انه عملية تنظيمية ومستجدة تشبع احتياجات المتعلمين من خلال تفاعلهم مع الخبرات التعليمية المقدمة لهم بطرق غير تقليدية تعتمد على قدراتهم الذاتية، وذلك من خلال استخدام تكنولوجيا الوسائط التعليمية المتعددة دون التقيد بزمان او مكان محددين، ودون الاعتماد على المعلم بصورة مباشرة. (الحنطي، 2004: 15).

ويعرفه الباحث العراقي فياض عبد الله العربي على أنه عملية التعلم أو تلقي المعلومة عن طريق استخدام تقنيات الوسائط المتعددة بمعزل عن ظرفي الزمان والمكان، حيث يتم التواصل بين الدارسين والأساتذة عبر وسائل عديدة قد تكون الانترنت، أو التلفاز التفاعلي وتتم عملية التعليم وفق المكان والزمان والكميةوالنوعيةالتي يختارها المتعلم وذلك وفق معايير دولية تتضمن استيعاب الدارس للمناهج والبرامج التي يتحصل عليها وتقع مسؤولية التعلم أساسية على عاتق المتعلم ذاته. (فياض، 2009 :2).

وعرفه الفرجاني بأنه نظام يعمل على إيصال العلم والمعرفة إلى كل فرد راغب فيه، وقادر عليه مهما بعدت المسافات الجغرافية التي تفصل بينه وبين المؤسسة التعليمية. (ا لفرجاني،2000: 14).

ويذكر العمري تعريفا للتعليم عن بعد، حسب الجمعية الأمريكية للتعليم عن بعد بأنه توصيل التدريس والتدريب عن طريق وسيط نقل تعليمي الكتروني الذي قد يشمل الأقمار الصناعية، أشرطة فيديو، الأشرطة الصوتية، الحاسوب وغيرها. (العمري ،2002: 6).

أما الموسى فيرى أن التعليم عن بعد، عبارة عن نظام تقوم به مؤسسة تعليمية يعمل على إيصال المادة التعليمية أو التدريبية للمتعلم في أي وقت وأي مكان عن طريق ووسائط اتصال متعددة.(الموسى، 2004: 51).

وفي نفس السياق يؤكد عليان أن التعليم عن بعد تعليم جماهيري يقوم على فلسفة تؤكد حق الأفراد في الوصول إلى الفرص التعليمية المتاحة بمعنى انه تعليم مفتوح لجميع الفئات، لا يتقيد بوقت وفئة من المتعلمين، ولا يقتصر على مستوى أو نوع معين من التعليم، فهو يتناسب وطبيعة حاجات المجتمع وأفراده وطموحاتهم وتطوير مهنهم. (عليان ،1999: 8).

كما يعرف التعليم عن بعد بأنه عبارة عن مقررات يتم تقديمها للطلاب عن بعد والمتواجدين خارج الحدود الفيزيائية للمؤسسة التعليمية وذلك باستخدام البث التلفزيوني الحي أو المسجل أو عن طريق أفلام الفيديو أو البث الإذاعي او الأقراص المدمجة أو النظم القائمة على الكمبيوتر لي. (لي أبرز ومايكل، 2015 :2).

ونجد أن هناك من عرف التعليم عن بعد على أساس أنه تعلم مخطط يتم عادة في مكان يختلف عن مكان التدريس المعتاد ويتطلب المناهج وطرق تعليم خاصة والاتصال عبر وسائل التكنولوجيا العديدة بالإضافة إلى إجراءات إدارية وتنظيمية خاصة. (مايكل مو ر واخرون، 2009: 12).                

 ويوضح هذا التعريف أن التعليم عن بعد له نفس دراسة التعلم والتدريس وليس تعلما عشوائيا والاتصال فيه يكون عبر وسائل تكنولوجية متعددة.

وفي تعريفه للتعليم عن بعد نجد ادجار فور (Edgar Four) يرى انه نظام أكثر مرونة و حرية في اختيار الدارس للمكان و الزمان الذي يتعلم فيه و يعتبره بديلا للتربية المباشرة و يحاول توزيع التعليم من خلال الزمان و المكان و يعتمد على وسائل اتصال معينة. ) طارق, 2007 :21. (

وفي نفس السياق نذكر تعريف العالم زيجريل (Zigril)الذي عرف التعليم عن بعد انه إحدى صيغ التعليم التي تتصف بفصل طبيعي بين المدرس والطالب باستثناء بعض اللقاءات التي يعقدها المدرس مع الطالب وجها لوجه لمناقشة بعض المشروعات البحثية كما أوضح أيضا أن التعليم عن بعد يختلف عن التعليم بالمراسلة من حيث أنه يستلزم بعض الفرص لتفاعل الطالب مع المعلم.

أما ويدمير (Wedmer) فقد ركز في تعريفه للتعليم عن بعد على المتعلم الذي يحصل منه على الفرصة على أساس احتياجاته واهتماماته وطموحاته.) العنزاوي،2001(.

ونستنتج من تعريف العالمان للتعليم عن بعد أنه لا يجب استخدامه كمصطلح وخلطه مع التعليم بالمراسلة وتم التركيز أيضا على المتعلم للحصول على فرص التعلم حسب احتياجاته.

ومن خلال طرحنا للكثير من التعريفات حول التعليم عن بعد نرى أنه لابد من التمييز بين التعليم عن بعد وأنواع أخرى من التعليم التي أظهرها التطور التكنولوجي وأكثر هذه الأنماط شيوعا وحداثة نجد التعليم الإلكتروني أو التعليم الافتراضي والتعليم المفتوح والتعليم الموزع ونوجز تعريف هذه المصطلحات على النحو التالي:

  • التعليم الإلكتروني:

هو أحد نماذج التعليم عن بعد ويتيح للفرد فرصة التعلم الذاتي في تفاعله مع المعلم والمحتوى ويعتمد على الحاسوب وما يوفره الاتصال وآلياته المتمثلة في شبكات توصيل المعارف للمتعلم في كل الأوقات والأماكن.

وفي الأدب التربوي نجد لهذا المصطلح الكثير من المفاهيم المرادفة له التربية الالكترونية (ELECTRONIC Education)، التعليمالرقمي (Digital Education)، التعليم الشبكي (Network Education) التعليم الافتراضي (Virtual Learning) ومصطلح التعليم الالكتروني يبقى الأكثر استعمالا. (نهر، 2011: 2). 

وقد عرف صالح التركي التعليم الالكتروني بأنه مجموعة العمليات المرتبطة بنقل مختلف أنواع المعرفة والعلوم، وتوصيلها إلى الدارسين في مختلف أنحاء العالم باستخدام تقنية المعلومات وهو تطبيق فعلي للتعليم عن بعد. (استيتية وسرحان، 2008: 282).  

  • التعليم المفتوح:

 يستخدم كمفهوم في الدول الأوربية ودول أخرى كأسلوب أولي للتعليم العالي المتميز، ويرتبط بالتعليم عن بعد من خلال استخدام الحروف الأولى odl (بمعنى التعلم المفتوح عن بعد) فالتعليم عن بعد يمكن أن يفتح أو يوفر قناة اتصال للتعليم، ويوفر استغلالا ذاتيا للمتعلم. (لي أبرز ومايكل، 2015: 153).

ج– التعليم الموزع:

 نوع من أنواع التعليم عن بعد يتم في أي مكان وفي أي وقت وقد أدى التركيز على مكان التعلم بالمدارس الاستثمارية إلى استخدام مفهوم الدراسة المنزلية أوصف برامجها التعليمية.(طارق،2007: 20).

إذا ما تتبعنا التعاريف السابقة حول مفهوم التعليم عن بعد  فإننا نجدها لا تحمل تناقضا بل تتكامل فيما بينها وترتكز على الكثير من الجوانب المعينة وتتفق على أن مصطلح التعليم عن بعد حديث وله صيت مميز خاصة في الآونة الأخيرة نتيجة التطور التكنولوجي في كل المجالات و أصبح من الضروريات التي تحتاجها دول العالم كونه أعطى فرصا جديدة للعلم و المعرفة وتحسين مهارات الأفراد في كل التخصصات وهو عبارة عن نظام تعليمي يتم بغياب الحضور المباشر للمعلم ولا يخضع لإشراف مباشر وهو تعليم ذاتي يعتمد على الوسائل التعليمية  المساعدة كالكتب و الحاسوب والانترنت و يتميز بوجوب تحقيق الفصل المكاني بين المتعلم و المعلم ويعتبر التعليم عن بعد من التجديد التربوي الذي يعتمد على كل الصيغ التعليمية خالي من المواجهة بين المعلم والمتعلم وهو إضافة للوجود ونوع جديد يستخدم في مواجهة المواقف الجديدة .

2 – نشأة التعليم عن بعد:

الكثير منا يعتقد أن التعليم عن بعد أتى به ذلك الاختراع للأنترنت إلا أن الخلفية التاريخية تثبت عكس ذلك فعبر مراحل الأجيال التاريخية نجد أن الجيل الأول كان النص فيه وسيلة للاتصال واستخدم البريد لإرسال التعليمات وظهر معه التعليم بالمراسلة أو التعليم المنزلي ومع الجيل الثاني تمثل التعليم عن بعد في التدريس باستعمال الإذاعة والتلفزيون وتميز الجيل الثالث بتكنولوجيا الاتصال وتنظيم التعليم. وكانت بداياته بظهور ما يسمى بالتعليم المستقل الذي أعلنت عنه الصحف السويدية في سنة 1833م تحت مسمى مقالات إنشائية من خلال الإرسال البريدي إلا أن الصور المنسوخة كانت مستخدمة في أوروبا خلال سنة 1800م وتوالت الدراسات المستقلة في جامعات أمريكية وذلك بولاية نيويورك وشيكاغو وامتدت إلى غاية سنة 1892م.  (صالحة وآخرون، 2007: 195).

وقد أثبتت بعض المراجع أن التعليم عن بعد ظهر في العصر الحديث في صورة التعليم بالمراسلة كصورة أولية في بريطانيا عن طريق إنشاء المملكة المكاتب البريدية المنظمة عام1840م وبدأت أول تجربة فريدة من طرف بينمان Pen man حيث كان يرسل تعليمات وتوجيهات مكتوبة لطلابه بواسطة البريد. (بكر،2000: 13).   

وبداية من سنة 1882 م إلى غاية 1890م أنشأت كلية التعليم بالمراسلة في لندن باسم كلية وولسي هول Wolse وهدفت إلى توفير التعليم للجميع. ومع التقدم التكنولوجي أنشأت المملكة المتحدة جامعة الهواء ثم سميت بالجامعة المفتوحة فيما بعد معتبرين أن الإذاعة والتلفزيون عنصران مهمان في عملية التعليم إضافة إلى المراسلات وافتتحت الجامعة عام 1969 م.   (اسكندر، 1990: 202).  

وكانت البذرة الأولى لظهور التعليم عن بعد بفرنسا وألمانيا وتم تأسيس معهد توماس لاتجشتين عام 1856م بألمانيا والمركز الوطني للتعليم عن بعد بفرنسا. (اسكندر،1990: 202).لتصبح هذه الدول الأولى في انتهاج التعليم عن بعد ولم تكن الوحيدة في العالم حيث تجانبها اليابان والصين وأمريكا كدول عرفت التعليم عن بعد.

وأما التعليم عن بعد في الجزائر فقد عرف هو أيضا حسب (وزارة التربية، 2001 :03). تحديا من بين التحديات التي واجهتها الجزائر أثناء استقلالها. فأولت اهتماما بالغا للتعليم في سياستها المنتهجة وقامت ببناء مراكز تعميم التعليم عن طريق المراسلة واعتبرت مؤسسات تربوية وتعليمية وزودتها بموارد مطبوعة ووسائل سمعية وبصرية كالإذاعة والتلفزيون. وكان أول إنشاء للمركز الوطني للتعليم المعمم والمتمم بالمراسلة بتاريخ 22 ماي1969م وهدف إلى تحقيق التعليم بالمراسلة وزود بالوسائل السمعية البصرية وخصص لمن لا يستطيع مزاولة الدراسة في المؤسسات النظامية. ثم سنة 1983م فتح أول مركز جهوي للتعليم عن بعد بالجزائر العاصمة وتلاه العديد من المراكز عبر مناطق الوطن بالإضافة إلى تأسيس مطبعة تقوم بطبع وثائق هذه المراكز وذلك كان سنة 1989م إلى أن تم تحويل المركز الوطني للتعليم المعمم بالمراسلة إلى الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد وذلك بتاريخ 30سبتمبر2001.كما قامت الجزائر بإنشاء جامعة التعليم عن بعد في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة التكوين المتواصل   وتعتبر مؤسسة مستقلة تحاول المساهمة بشكل فعال في مسيرة تطوير التعليم العالي من خلال تطبيقها لأحدث وسائل التعليم من أعضاء لهيئة التدريس والطلبة والمادة العلمية وتوفيرها لوسائل الاتصال وأساليب التقويم والتقييم.

3- عناصر التعليم عن بعد:  

إن التعليم عن بعد عبارة عن نظام متكون من عدة أطراف وكل له دور عليه تأديته على أكمل وجه ويمكن تحديد هذه الأطراف على النحو التالي:

أ-الطلاب أو المتعلمون:

  حيث يكمن دورهم الرئيسي في التعلم بكفاءة وجودة عاليتين وهي مهمة صعبة تتطلب توفر الدافعية التخطيط المسبق والقدرة على التحليل وتطبيق المحتوى التعليمي الذي يدرس. (الهادي وآخرون ،2005: 109) ويتميز الطلبة بعدم التجانس وهم فئة مجتمعية متنوعة ولهم مستويات تعليمية أو وظيفية مختلفة أهدافهم متعددة يسعون إلى الإنماء الذاتي أو الوظيفي ولهم توقعات مختلفة عند الالتحاق بهذه البرامج التعليمية مما يجعل مخرجات التعليم عن بعد مرتبطة بالتوقعات وليس بأهداف البرامج المقدمة. (صالحة وآخرون، 2007: 201).

ب -المدرسون أو أعضاء التدريس:

إن كفاءة المدرس وأعضاء هيئة التدريس تعتبر نجاح التعليم عن بعد حيث يجب أن تتوفر في معلم التعليم عن بعد القدرة على فهم الخصائص النفسية والاجتماعية والمعرفية والثقافية والفكرية للمتعلم وان تكون له القدرة على التخطيط وتنظيم البرنامج التعليمي وتتوفر فيه القدرة على استخدام التكنولوجيا الاتصال وبأعلى درجة من الكفاءة والتمكن من التواصل مع المتعلم والتفاعل معه وتزويده بالتغذية الراجعة باستمرار. إضافة إلى توظيفه لاستراتيجيات العليم الفعال والقدرة على استخدام أساليب متنوعة للتقويم.  (صالحة وآخرون، 2007: 202).

ج- المساعدون:

 يعتمد مدرس التعليم عن بعد على مساعدين له كوسيط بينه وبين المتعلمين ويجب أن تتوفر في المساعد الإلمام بخصائص الطلاب وخبرتهم حتى يقدم لهم المساعدات اللازمة مع ضرورة التوجيهات وأن يلتزم بأخلاقيات مهنة التدريس على اقل تقدير.   (الهادي وآخرون، 2005: 111).

د- الفنيون:

وهم الأخصائيون المساندون للتعليم عن بعد من القواعد المجهولة مكلفين بالتخطيط والتصميم والإنتاج والإمداد للبرامج المدرسية والمقررات الدراسية ومواد التعليم ويوفرون المساندة والخدمة الفنية مهمتهم تسجيل الطلاب والنسخ أو تحميل المعلومات الدراسية من قبل الطلاب إمداد الكتب تامين المعلومات المتاحة تنظيم الجدول الدراسي معالجة تقديرات الطلاب إدارة المواد الفنية. (الهادي وآخرون ،2005: 111). 

4- مبادئ التعليم عن بعد:  

لقد حدد الدكتور طارق عبد الرؤوف أهم مبادئ للتعليم عن بعد و التي تتمثل في النقاط التالية:  مبدأ ديمقراطية التعليم.

مبدأ برمجة التعليم وتفريده.

مبدأ ضبط المتعلم لعملية تعلمه.

مبدأ إنارة الدوافع الذاتية.

مبدأ تطوير التعليم واستمرار يته (طارق، 2007: 15).

كما أشار إبراهيم يوسف في مقاله “التعليم عن بعد الواقع والأفاق (دراسة لبعض النماذج العالمية)”، إلى عدد من المبادئ وهي كالتالي:

ا‑ مبدأ التعليم الذاتي أي أن المتعلم يتعلم بمفرده معتمدا على ذاته في اغلب الأحيان.

ب ‑مبدأ ديمقراطية التعليم بمعنى أن التعليم حق لكل فرد من أفراد المجتمع النظر عن الفوارق الاجتماعية ج‑مبدأ المرونة يتيح للدراسة خيار المشاركة حسب قدرته وميوله واتجاهاته وسرعته في التعلم.

د ‑مبدأ التعليم أي إن التعليم عملية مستمرة علميا وثقافيا ولابد من إعطائه الفرصة لكي يحقق ذلك.

(إبراهيم، 2014: 188‑ 2015).  

5-خصائص التعليم عن بعد:

تعددت الخصائص التي يختص بها التعليم عن بعد ساعدت على انتشاره وتمييزه ويكون إجمالها فيما يلي:

– اعتماد نظام التعليم عن بعد على الربط الالكتروني بين المتعلمين مما يتيح المرونة والحرية للمتعلم في

اختيار الوقت أو المكان وبالتالي فان هذا النظام يحرر المتعلم من القيود الجامعية التقليدية القائمة على

التفاعل وجها لوجه بين الطلاب والمعلمين في قاعة الدرس.  

يشجع التعليم الذاتي ويتيح فرصة التبادل بين الطلاب ويفتح الحوار والنقاش.

يعتبر اقل كلفة من التعليم التقليدي الجامعي الذي يعاني من النفقات الضخمة.

له القدرة على تلبية الاحتياجات الاجتماعية الوظيفية والمهنية للملتحقين به.

انتفاع هذا النمط بالثورة التكنولوجية وثورة الاتصالات واعتماده بصورة رئيسية على الوسائل التكنولوجية تجاوزه الكثير من العوائق التي تحد من إمكانيات الالتحاق بالتعليم مثل الانتظام والتوقيت الصارم للدراسة.

الاستفادة من خبرات الأساتذة المختصين والخبراء في شتى حقول المعرفة بمن فيهم العقول المهاجرة.  (السفياني، 2020: 137).

6-أهمية التعليم عن بعد:

سائر دول العالم تبنت التعلم كحق لكل فرد في المجتمع إلا أن مشاكل وظروف عديدة تقف أمام تحقيق هذا الحق ويجعل الفرد يستعيد بطريقة أو بأخرى من نظام التعليم التقليدي ما دفع إلى الاستفادة من التعليم عن بعد هذا النمط الذي يضمن ديمقراطية التعلم ويوفر التعليم لكل طالب عليه. وما سهل عملية الاستفادة منه هو ذلك الاستخدام الواسع لتكنولوجيا المعلومات وأضحى التعليم اتجاها حديثا في التعليم وتزايدت أهميته حيث يعتمد على مساعدات من المعلم وتذليله للصعوبات التي تواجه المتعلمين.

ويشرف على عملية التقييم مرشدون وتربويون لهم خبرة عالية في الميدان كونه تعليم ذاتي يبرز مظاهر التجديد التربوي ومع التطور التكنولوجي الهائل فان هذا النظام التعليمي يستخدم وسائل اتصال متعددة لنقل المعلومات. وما يعرفه التعليم عن بعد في تنوع طرق التعليم فيه يزيد من فعاليته في مواجهة صعوبات المواقف التعليمية ويتميز بالمرونة من المكان والوقت والبرامج ويقوم على التخطيط المشترك بين المعلم والمتعلمين بغية تحقيق الحدث المطلوب. (طارق، 2007: 17).

وتبرز الخدمات التعليمية للتعليم عن بعد فيما يلي:

-تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية.

-التغلب على العائق المكاني والزماني.

-تخفيف الضغط على المؤسسات النظامية.

-عدم إهمال الكفاءات والاستفادة منها.

-استخدامه للتقنيات الحديثة في العملية التعليمية.

-مواكبة كل التطورات التكنولوجية والاستفادة منها في المجال التعليمي.

-توفير فرص الجمع بين التعليم والعمل والحياة الأسرية.

-تحسين فعالية الموارد التعليمية.

-تعزيز قدرة النظام التعليمي.  (الهادي وآخرون، 2005: 100).

7-أهداف التعليم عن بعد: 

لقد عرف عصرنا الحالي تغيرات علمية وتكنولوجية كبيرة مما زاد في الحاجة الى التعليم عن بعد الذي يسعى إلى تحقيق عدة أهداف تتمثل في ضوء فلسفته ومن أهمها:  

-تحقيق مبدأ ديمقراطية التعليم وتكافؤ الفرص التعليمية والمساواة بين المواطنين دون تمييز فيم بينهم لأسباب تتعلق بمكانتهم الاجتماعية الاقتصادية أو بسبب العرق، الدين أو الجنس.

-توسيع فرص التعليم الجامعي للمزيد من الدارسين الراغبين في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي والاستجابة للطلب الاجتماعي المتزايد على هذا النمط من التعليم.

-منح الفرصة لمن فاتهم بالالتحاق بمؤسسات التعليم العالي لأسباب تتعلق بظروفهم الشخصية الاجتماعية العائلية أو الاقتصادية أو الوظيفية المكانية أو الزمنية حيث حالت الظروف الاجتماعية و الاقتصادية والجغرافية و السياسية دون توفير فرص التعليم للعديد من فئات المجتمعات المختلفة و بعد أن أزيلت هذه  المعيقات أصبحت هذه الفئات راغبة في التعليم التي لا بلائمها نظام التعليم التقليدي و أعاد لهم التعليم عن بعد الأمل لمن يرغب في التعليم و ذلك لتمتعه بالمرونة أو أنظمة تعليمية تسمح لهم بالتعلم إلى جانب قيامهم بالمهن و الأعمال التي يمارسونها. (نشوان، 2004: 25).

-الاستجابة لمتطلبات خطط التنمية الوطنية من الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة.

-توفير فرص التعليم والتدريب والنمو المهني المستمر للموظفين والعمال وهم رأس العمل لمساعدتهم على أداء واجباتهم وأدوارهم الوظيفية.

-الإسهام في تعليم المرأة وتشجيعها على ذلك ففي الدول النامية ما يزال تعليمها يشكل مشكلة كبيرة لا سيما في بعض المجتمعات الزراعية ولكن باستخدام التعلم عن بعد يمكن لها ان تتعلم بدون التعارض مع التقاليد السائدة التي تمنعها من ذلك. (طارق، 2007 :16).

-تحقيق مبدأ ما يسمى بالتعلم المستمر أو التعلم مدى الحياة حيث يستخدم التعليم عن بعد الوسائل التقنية المختلفة كالتلفاز والأنترنت والإذاعة والأقمار الصناعية التي تدخل كل بيت وهذا الأمر يسهم في جذب اهتمام الكثيرين نحو البرامج الثقافية والصحية ولاجتماعية والاقتصادية بل وتزويدهم بالمعرفة والمعلومات التي تفيدهم في حياتهم.  (السعدون، 2002: 59).

8 ‑مبررات التعليم عن بعد:

يعتبر التعليم عن بعد نمطا من التعليم الذي يغض النظر فيه عن البعد الزماني والمكاني، وباستخدام تكنولوجيات الاتصال المتعددة. ويجدر بنا أن نوضح المبررات وراء الإقدام على تبني هذا النوع من التعليم والتي نذكرها على النحو التالي:

  • مبررات عالمية: ومنها التغير السريع في العلوم والتكنولوجيا والنمو الهائل في المعارف الإنسانية والحاجة إلى صيغ جديدة للتعليم مثل التعليم المفتوح. حيث يجدد الأفراد معلوماتهم ومهاراتهم ويوسعون أفاقهم في المجالات المتصلة بعملهم على وجه الخصوص وبالحياة كلها على وجه العموم.
  • مبررات محلية: ومنها تزايد السكان في الدول العربية مما أدى إلى تزايد الطلب الاجتماعي على التعليم بجميع مراحله، فأصبح التعليم ضرورة ملحة وذلك تلافيا للتورط في المشكلات الاجتماعية الناتجة عن عدم توفر التعليم كالبطالة مثلا. إضافة إلى الحاجة إلى تطوير أداء الموظفين على رأس العمل والحاجة كذلك إلى تأهيل الخريجين العاطلين عن العمل. (المنيع، 2001: 269).

وفي نفس الإطار أضاف (صالحة وآخرون ،2017: 199) المبررات التي دعت الدول للأخذ بنظام التعليم عن بعد وتطوير التعليم عن بعد فيها، ونذكر ما يلي:

  • الرغبة في التعليم عن بعد، في جميع مراحل التعليم وعجز الأنظمة التعليمية التقليدية في تقديم هذا النوع من الخدمة التعليمية.
  • معاناة المؤسسات التعليمية من عدم التوازن في التوزيع الجغرافي، وهذا ما يعيق وصولا لتعليم للدارسين وبالخصوص في المناطق النائية، وعجز هذه المؤسسات من الوصول إلى المناطق التي تشكو من الطبيعة الجغرافية الوعرة.    
  • أفضت التغيرات السريعة في المجتمعات تعقد متطلبات الحياة. مما جعل المؤسسات التعليمية عاجزة عن تلبية حاجيات المجتمع في مواجهة هذه التغيرات.
  • حق المتعلم في تعليم نفسه بنفسه وحريته في اختيار نوع التعليم والأساليب والوقت والمكان الذي يريده.
  • تعليم المرأة والنهوض بها وأولوية هذه الاستراتيجية في الكثير من الدول خاصة المجتمعات النامية إذ أصبح من الضروري بمكان تسهيل على المرأة الجمع بين مهامها البيئية ودورها الحياتي، وحضورها في المؤسسات التعليمية من خلال الدراسات بالانتساب، وهذا ما توفره بيئة التعليم عن بعد.
  • ازدياد عدد الطلبة مما نجم عنه الحاجة إلى إنشاء مؤسسات تعليمية للاستيعاب نظرا للاكتظاظ وزيادة الكلفة، هذا ما جعل التعليم عن بعد بديلا امثلا لحل هذه الأزمة.

أما العر يني فقد ذكرت مبررات أخرى جعلت الحاجة إلى التعليم عن بعد ملحة وضرورية ومن بينها:

  • مبررات اجتماعية وثقافية: تتمثل انتشار التعليم وزيادة القدرة على استيعاب التغيرات الاجتماعية والثقافية والحضارية والمعلوماتية.
  • مبررات اقتصادية: تتمثل في تقديم الخدمة التعليمية لشرائح المحرومين من التعليم في المجتمع على اعتبار ان التعليم عن بعد ثبت انخفاض كلفته وخاصة مع زيادة كلفة التعليم النظامي.

ج – مبررات نفسية وصحية: تتمثل في أن التعليم عن بعد يقدم برامج تأخذ في حساباتها مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، ويعمل على إعادة الثقة للمتعلمين بقدرتهم على متابعة التعلم وخاصة المرضى والمعاقين وكبار السن. (العر يني، 2009: 94).

‑خاتمة:

يوفر التعليم عن بعد تثقيف وتعليم وتأطير المجتمع في كل الموضوعات التي تهمه. فهو أداة تربوية تعليمية فعالة على المستوى القريب والبعيد، لان فاعلية النظام التربوي تقاس بما يحققه من نمو للأفراد وللمجتمع الذي يعيشون فيه ومن خلاله يمكننا خلق كفاءات عالية، تساهم في تنمية المجتمع. وباعتباره خيارا مكملا لنظام التعليم النظامي، فقد أصبح التعليم عن بعد في ظل التحديات التي تواجهها أنظمة التعليم في العالم والتطور التكنولوجي السريع، هدفا لكل فلسفة تربوية.

ونظرا لتزايد الطلب على هذا النمط من التعليم، لجأت دول عديدة إليه كبديل عمن هو تقليدي لمواجهة هذه التحديات، فبواسطته يمكن التغلب على ظروف الزمان والمكان والكلفة الاقتصادية.

والتعليم عن بعد يعتبر أمرا واقعا فرض نفسه بسرعة كأحد الطرق الحديثة المستخدمة في التعليم ويكون لتقنيات التعليم التفاعلي عن بعد دور أساسي فيها من خلال استخدام شبكة الانترنت في إدارة عملية التعليم والتعلم. وعلى هذا الأساس جاءت هذه المداخلة لتقديم الخلفية النظرية التي هدفت إلى ما يلي:

  1. تحديد مفهوم نظام التعليم عن بعد، ومن خلال ما تقدم نلاحظ تعددا لمفاهيم التعليم عن بعد وتداخلا فيما بينها وليس تناقضا، وجاءت بطريقة تكاملية فيما بينها وركزت على أن التعليم عن بعد هو ذلك النمط من التعليم الذي يتميز بالفصل بين المعلم والمتعلم زمنيا ومكانيا باستخدام تكنولوجيات للاتصال المتعددة وتقنياتها.
  2. التعرف على أهمية وأهداف التعليم عن بعد على مستوى الأفراد والمجتمعات.
  3. تزامن المداخلة مع التحولات والتغيرات التي مست العالم وبالخصوص جائحة كوفيد-19، حيث يحتل فيها التعليم عن بعد موقعا مميزا.
  4. إفادة القائمين على قطاع التربية والتعليم بأهمية التعليم عن بعد وضرورة تطويره.
  5. إثراء الجانب النظري لبحوث علمية مستقبلية تخص هذا النوع من التعليم.

قائمة المصادر والمراجع: 

  1. إبراهيم، يوسف، (2012)، التعليم عن بعد الواقع والأفاق (دراسة لبعض النماذج العالمية)، مجلة البحوث والدراسات العلمية عدد :06، ص 184‑201.
  2. استيتية، دلال محسن وسرحان، عمر موسى، (2008)، تكنولوجيا التعليم الالكتروني، الأردن: دار وائل. 
  3. اسكندر، كمال يوسف، (1990)، التعليم العالي عن بعد، تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
  4. الحنطي، عبد الرحيم، (2004)، معايير الجودة في التعليم المفتوح والتعليم عن بعد، عمان: منشورات الشبكة العربية للتعليم المفتوح.
  5. الخطيب، احمد محمد، (1987)، التعليم عن بعد، عمان: منتدى الفكر العربي. 
  6. السعدون، فؤاد حصن، (2002)، التعليم وخدمة المجتمع، الكويت: مكتبة العيد روس.
  7. السفياني، هلال محمد علي يوسف، (2020)، اضاءات على تكنولوجيا البرمجيات التعليمية الجاهزة والتعليم الالكتروني والتعلم عن بعد.  (نسخة تجريبية) جامعة حضرموت، اليمن.
  8. العريني، سارة إبراهيم، (2010)، نموذج مقترح للتعليم عن بعد في المملكة العربية السعودية في ضوء تجربة الجامعة البريطانيةالمفتوحة والجامعة الماليزية المفتوحة والجامعة العربية المفتوحة. الرياض: المؤتمر الدولي الأول للتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد، جامعة الملك فهد.
  9. العنزاوي، احمد محمد، واقع ومستقبل التعليم عن بعد في الوطن العربي، http:/ /www.Arabcin­­-net/arabiaal/11­-2021/14html.
  10. العمري، علاء الدين، (2002)، التعليم عن بعد باستخدام الانترنت، رسالة دكتوراه، مجلة المعرفة الرياض.
  11. الفرجاني، عبد العظيم، (2000)، تكنولوجيا المواقف التعليمية، مصر: دار الهدى للنشر والتوزيع.
  12. المنيع، محمد، (2001)، تطوير مؤسسات التعليم العالي الحكومية والأهلية في المملكة العربية السعودية باستخدام نظام التعليمالمفتوح والتعليم عن بعد، الرياض: ندوة التعليم العالي والأهلي، جامعة الملك فهد.
  13. الموسى، عبد الله، (2004)، التعليم الالكتروني، الرياض: مكتبة العبيكان.
  14. الهادي، محمد معمار، حامد، (2005)، التعليم الالكتروني عبر شبكة الانترنت، ط1، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.
  15. بكر، عبد الجواد، (2001)، قراءات في التعليم عن بعد، ط1، الإسكندرية: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر.
  16. رحاب، عبد العزيز المخضوب، (2015)، تقويم تجربة الجامعة العربية المفتوحة في تصميم برنامج التعلم عن بعد بمدينة الرياض. رسالة مقدمة لاستكمال متطلبات الحوصلة على درجة الماجستير في الآداب تخصص تكنولوجيا التعليم كلية التربية، جامعة الملك سعود، المملكة السعودية.
  17. سوهام، بادي، (2005)، سياسات واستراتيجيات توظيف تكنولوجيا المعلومات في التعليم نحو استراتيجية وطنية لتوظيف تكنولوجياالمعلومات في التعليم العالي(دراسة ميدانية بجامعات الشرق الجزائري)، رسالة ماجستير غير منشورة في علم المكتبات جامعة متنوري، قسنطينة.
  18. صالحة، عبد الله عيسان وعارف، توفيق عطاري، (2007)، اتجاهات حديثة في التربية، ط1، الأردن: دار المسيرة.
  19. طارق، عبد الرؤوف، (2007)، التعليم عن بعد والتعليم المفتوح، الأردن: دار البازوري.
  20. عصام، إدريس، (2014)، مدى إسهام تكنولوجيا التعليم في برنامج التعلم عن بعد المتبعة بالجامعات السودانية، مجلة دراسات تربوية العدد: 03، د.ب، ص6
  21. عليان، ربحي مصطفى، (1999)، وسائل الاتصال وتكنولوجية التعليم عن بعد، عمان: دار الصفاء للنشر.
  22. فياض، عبد الله العربي، رجاء كاظم حسون، (2009)، التعليم الالكتروني والتعليم التقليدي، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية، العدد 19، ص.2
  23. لي أبرز، سلوس ومايكل، سيمونس، (2015)، التعليم عن بعد مصطلحات التعليم الالكتروني، تر: نبيل جاد عزمي، ط2 مسقط: مكتبة بيروت.
  24. مدني، محمد عطاء، (2007)، التعليم عن بعد أهدافه وأسسه وتطبيقاته العملية، الأردن: دار السيرة.
  25. محمود، محمد غانم، (1995)، التفكير عند الأطفال تطوره وطرق تطويره، ط1، الأردن: دار الفكر.
  26. ميكل مور، جريج كيرسلي وآخرون، (2009)، التعليم عن بعد، تر: احمد المغربي، مصر: الدار الأكاديمية للعلوم.
  27. نشوان، يعقوب حسن، (2004)، إدارة التعليم عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح، ط،1الاردن: دار الفرقان.
  28. نهر، هادي، (2011)، دراسات في اللسانيات ثمار تجربة، ط1، مصر: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع.
  29. Holomberg Borje, (1995). The évolution of the char acter and practice of distance education, open learning.  In open Learning. P44-47.